وما ينطق عن الهوى: ومن الإنسان ما لا يفنى:
هل تصدق أن هناك جزء من جسدك لا يفنى ولا يتحلل؟ إنها حقيقة أخبرنا بها
رسولنا الكريم محمد وأثبتها العلم حديثا فقد قال رسول الله "كل ابن آدم
يأكله التراب إلا عجب الذنب من خلق ومنه يركب" رواه مسلم
من المعروف أن جسد الإنسان يتآكل ويتحلل في التربة بعد الموت ولكن هناك جزء
وحيد من جسد الإنسان لا يتآكل ولا يتأثر بالتحلل وهذا الجزء هو عجب الذنب.
ولكن ما هو عجب الذنب ؟
عجب الذنب هو عظمة في حجم حبة الخردل في نهاية العصعص يبدأ رسول الله :
حديثه بقول (كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب) بمعنى أن جسد الإنسان
كله يبلى ويتحلل فيما عدا هذا الجزء الضئيل المسمى بعجب الذنب ومن هنا يظهر
السؤال أيوجد في أجسادنا ما لا يفنى؟ أيوجد ما لا تستطيع جميع الإمكانيات
البشرية القضاء عليه؟
نعم وهو عجب الذنب كما قال رسولنا الكريم فقد أثبتت جميع التجارب أن إفناء
عجب الذنب كيميائياً أو فيزيائياً بالحرق أو السحق إشعاعياً يعتبر أمرا
مستحيلاً. ولم يتوقف إعجاز رسولنا الكريم عند هذا الحد ولكنه تعداه إلى
حقيقة علمية أخرى في قوله منه خلق وهنا يظهر سؤال آخر: كيف خلقنا من تلك
الحبة الصغيرة ؟
ظل هذا السؤال محيراً للعلماء فترة طويلة فمنهم من كان موقناً بمصداقيته
ثقتة في رسولنا أي دلائل ومنهم من كان هدفه إثبات كذب محمد وإدعاؤه للنبوة
وأصبح هذا الحديث مجالاً للصراع ولكن الله عز وجل حسم هذا الصراع ونصر نبيه
فقد توصل العلماء إلى أن عجب الذنب هو أساس الشريط الأول الذي يخلق منه
جسد الإنسان في المرحلة الجنينية.
فمنه ينشأ شريط دقيق للغاية يسمى الشريط الأولي الذي يتخلق في اليوم الخامس
عشر من تلقيح البويضة وانغراسها في جدار الرحم ويعمل هذا الشريط على تشكيل
الجنين وتكوينه فقد أعطى الله تعالى هذا الشريط الدقيق المقدرة على تحفيز
الخلايا على الإنقسام والتجمع في أنسجة متخصصة وأعضاء متكاملة للقيام بكافة
وظائف الجسم ونقف الآن أمام قول النبي منه يركب فماذا يعني؟
والمقصود بمنه يركب أن الإنسان يتكون في يوم القيامة من عجب الذنب فعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ما بين النفختين أربعون ثم ينزل
من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا
عظماً واحداً وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة " رواه البخاري
فإذا أراد الله تعالى بعث الناس أنزل من السماء ماء فتنبت الأجساد من
التراب كما ينبت النبات من الأرض إذا نزل عليه الماء في الدنيا ولهذا نجد
أن الله سبحانه وتعالى قد ربط في أكثر من آية بين البعث والنشور وبين إحياء
الأرض مثل قوله تعالى {فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن
كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ}... (الأعراف : 57).
ويعتبر حديث المصطفى من أكبر الأدلة على نبوءته كما يعتبر معجزة علمية
سابقة لكافة العلوم الحديثة فقد تعرض الرسول لقضية علمية غيبية في زمن لم
يكن لمخلوق العلم بها فإن لم يكن نبياً يأته الوحي فمن أين أتى بكل هذه
المعرفة والعلم؟
ومكن أين له بمعرفة عجب الذنب منذ هذا الزمن البعيد فعلم الله أن الإنسان
سيتوصل إلى هذه المعلومة عن عجب الذنب في يوم من الأيام فعلمها لنبيه لتكون
دليل على صدق نبوءته ورسالته على مر السنين.
وتبقى هذه الإشارات العلمية والحقائق في كتاب الله وسنة رسوله دليلاً على
صدق رسالة الإسلام ودعوته إلى دين الحق. فسبحان الله الذي خلق فأبدع وعلم
فعلم وأوحى إلى نبيه محمد وأعطاه التبليغ